للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حفر زمزم ونذر عبد المطلب]

قالوا: أري عبد المطلب في منامة أن يحتفي زمزم ويحتفرها، ودلّ على موضعها، وكانت جرهم دفنتها عند إخراج خزاعة إياها عن مكة. فقال له قائل: «زمزم، وما زمزم؟ هزمة جبريل برجله (١)، وسقيا إسماعيل وأهله.

زمزم البركات، تروي الرفاق الواردات. شفاء سقام، وخير طعام».

فاحتفرها، ووجد فيها سيوفا مدفونة، وحليّا، وغزالا من فضّة وذهب مشنّفا بالدرّ. فعلقه في الكعبة، حتى سرق بعد. قالت صفية بنت عبد المطلب:

نحن حفرنا للحجيج زمرم … سقيا الخليل وابنه المكرم

هزمة جبريل التي لم تذمم … شفاء سقم وطعام مطعم

- وحدثني الوليد بن صالح ومحمد بن سعد، قالا ثنا محمد بن عمر، قال:

سألت عبد الله بن جعفر: متى كان حفر عبد المطلب زمزم؟ فقال:

وهو ابن أربعين سنة. قلت: فمتى كان أراد ذبح ولده؟ قال: بعد ذلك بثلاثين سنة. قلت: قبل مولد النبي ؟ قال: أجل، وقبل مولد حمزة.

قلت: فإن بعض الرواة يزعم أنه أتى لعبد المطلب مائة وعشر سنين. قال:

لم يبلغ ذلك. قلت: ما كان سبب نذره أن يذبح ولده؟ قال: نازعته قريش حين حفر زمزم، وليس له يومئذ من الولد إلا الحارث وحده. فقال له عدي بن نوفل بن عبد مناف، أبو «المطعم»: يا عبد المطلب، أتستطيل علينا وأنت فذّ (٢) لا ولد لك؟ قال عبد المطلب: أتقول هذا وإنما كان نوفل،


(١) - هزمه: غمزه بيده فصارت فيه حفرة. القاموس.
(٢) - الفذ: الفرد. القاموس.