صحبتهم وابدأهم بالخير وعدهم إياه، وإذا وعظتهم فأوجز فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضا، فأصلح نفسك يصلح الناس لك، وصلّ الصلوات الخمس لأوقاتها بإتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها، وإذا قدم عليك رسل عدوك فاكرمهم وأقلل لبثهم حتى يخرجوا من عسكرك وهم جاهلون به، ولا تريّثهم فيروا خللك، ويعلموا علمك، وأنزلهم في ثروة عسكرك، وامنع من قبلك من محادثتهم، وكن أنت المتولي لكلامهم، ولا تجعل سرك كعلانيتك، وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة، ولا تخزن عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك، واسمر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار، وتنكشف عنك الأستار، واذك حرسك وبددهم في عسكرك، وأكثر مفاجأتهم في محارسهم بغير علم منهم بك، فمن وجدته غفل عن محرسه فأحسن أدبه، وعاقبه في غير افراط، واعقب بينهم بالليل، واجعل النوبة الأولى أطول من الآخرة، فإنها أيسرهما لقرب النهار منها، ولا تجاف عن عقوبة المستحق فتستجرح الناس، ولا تلحّنّ في العقوبة، ولا تسرع إليها وأنت تجد لها مدفعا، ولا تغفل عن أهل عسكرك فتفسده ولا تجسسه فتفضحهم، ولا تكشف الناس عن أسرارهم، واكتف بعلانيتهم ولا تجالس العيابين، وجالس أهل الصدق والوفاء. وأصدق اللقاء ولا تجبن فتجبّن الناس، واجتنب الغلول، فانه يقرّب الفقر، ويدفع النصر، وستجدون أقواما حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم.
وقال لعمرو بن العاص: أرفق بجندك في مسيرك، وتعهدهم بنفسك، وإذا انتهيت إلى فلسطين فعسكر هناك حتى تلحقك الجيوش، وإياك والوهن، ولا تقل رمي بي في نحر العدو فقد رأيت نصر الله إيانا ونحن قليل،