فرد عليه البلاذري بمرارة: غرس البلوى يثمر ثمر الشكوى. ثم انصرف وكتب إليه:
لحاني الوزير المرتضى في شكايتي … زمانا أحلّت للجدوب محارمه
وقال لقد جاهرتني بملامة … ومن لي بدهر كنت فيه أكاتمه
فقلت حياء المرء ذو الدين والتقى … يقلّ إذا قلّت لديه دراهمه
كان البلاذري إلى جانب ضلوعه بالعربية والشعر وعدد من العلوم الأخرى متمكنا من الفارسية، وقد نقل عنها إلى العربية شعرا كتاب «عهد أزدشير» كما خلف عددا من المؤلفات، أهمها:
كتاب البلدان الصغير، وكتاب البلدان الكبير الذي شرع في تأليفه لكنه لم يتمه، ولعله اختصره في الكتاب المتقدم الذي عرف فيما بعد باسم /فتوح البلدان/، وكتاب الأخبار والأنساب.
وكان كتاب «البلدان» قد نشر لأول مرة في عام ١٨٨٦ م من قبل المستشرق دي غويه ثم نشر في العالم العربي لأول مرة في القاهرة في عام ١٩٣٢ م من قبل السيد رضوان محمد رضوان دون تحقيق أو حواش أو فهارس فنية، ودون ضبط للنص، كما أعيد طبعه مرارا بالشكل نفسه فيما بعد في كل من القاهرة ثم بيروت، وقمت مؤخرا باعادة تحقيقه ونشرته في بيروت عام ١٩٩٢ ضمن مجموع ضم معه: السيرة النبوية، ومغازي ابن حبيش، والفتوح لابن الأعثم وفتح الهند للكوفي.
وقد استهل البلاذري كتابه «البلدان» بهجرة الرسول ﷺ من مكة إلى المدينة، ثم تحدث عن غزوات الرسول ﷺ وفتح مكة والطائف، ثم انتقل إلى الحديث عن حروب الردة زمن أبي بكر والفتوحات التي قام بها المسلمون في الشام والجزيرة وأرمينية ومصر وكذلك في العراق وفارس، متبعا في كتابه أسلوب الأسانيد.