للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأما الحارث بن هشام، أخو أبو جهل]

فكان يكنى أبا عبد الرحمن، أسلم يوم فتح مكة وحسن إسلامه، وقال: لا أدع واديا سلكته في قتال رسول الله ﷺ إلاّ سلكته في سبيل الله، ولا أدع درهما انفقته في قتاله إلا انفقت مثله في طاعة الله وطاعة رسوله، فغزا الشام فهلك في طاعون عمواس (١)، وقيل بل استشهد يوم أجنادين، وخلف عمر بن الخطاب على امرأته ابنة الوليد بن المغيرة، وهي أم عبد الرحمن الأصغر المكنى أبا شحمة، ودفع رسول الله ﷺ من عرفة بين الحارث وبين أبي سفيان بن حرب.

فولد الحارث بن هشام: أبا سعيد ولا عقب له، وعبد الرحمن بن

الحارث، وأمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ويقال خالدة بنت الوليد، وكان يقال له ولامرأته - وهي فاختة بنت عنبه بن سهيل من بني عامر بن لؤي - شريفا قريش، وذلك لأن أبويهما غزوا فهلكا بالشام، وجيء بهذين صغيرين فقال عمر بن الخطاب: زوجوا هذا بهذه لعل الله أن يخرج بينهما ذرية فزوّجا.

وكان عبد الرحمن بن الحارث بن هشام من سادة قريش وخيارهم وله دار بالمدينة، وزوجه عثمان بن عفان ابنته، وكانت فيمن حضر جمع القرآن في المصحف وإقامته على لغة قريش، ثم شهد يوم الجمل مع عائشة، فكان أول منهزم حتى أتى المدينة فقال لهم: إني سمعت الله يقول: ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ (٢) فالزموا مسجد رسول الله ﷺ ولا يخلونّ من بعضكم، وكان يكنى أبا محمد. ووقف عثمان بن عفان على


(١) كان طاعون عمواس سنة ١٨ هـ، وعمواس قرية قريبة من القدس.
(٢) سورة سبأ - الآية:١٣.