والبشر جبل في عبر الفرات الغربي قالوا: وفد الأخطل على عبد الملك بن مروان فدخل عليه الجحّاف بن حكيم بن عاصم بن قيس السلمي، والأخطل عنده فقال له عبد الملك: أتعرف هذا يا أخطل؟ قال: نعم هذا الذي أقول فيه:
ألا سائل الجحّاف هل هو ثائر … بقتلى أصيبت من سليم وعامر (١)
وأنشد القصيدة حتى فرغ منها فتغالظا في الكلام، فنهض الجحّاف يجرّ مطرفا كان عليه حتى أتى الديوان فنظر إلى مقادير القراطيس التي تكتب فيها العهود، ثم لطف لبعض الكتّاب حتى كتب له عهدا مفتعلا على صدقات بكر وتغلب بالجزيرة وقال لأصحابه: إنّ أمير المؤمنين قد ولاّني هذه الصدقات فمن أراد اللحاق بي فليفعل وسار حتى أتى الموضع الذي يدعى اليوم برصافة هشام، وهو بقرب الرّقة فاجتمع إليه أصحابه بها، فقال لهم: إنّ الأخطل أتعبني وأسمعني، ولست بوال فمن كان يحبّ أن يرحض عنّي العار وعن نفسه فيّ فليصحبني فإنّي آليت أن لا أغسل رأسي أو أوقع ببني تغلب، فرجعوا غير ثلاثمائة قالوا له: نموت معك ونحيا، فسار ليلته حتى أصبح الرحوب وهو ماء لبني جشم بن بكر قوم الأخطل فصادف عليه جماعة عظيمة من بني تغلب فقتل منهم مقتلة عظيمة، وأخذ الأخطل وعليه عباءة وسخة فظنّ آخذه أنّه عبد وسئل فقال: أنا عبد فخلّى سبيله فرمى بنفسه في جبّ من جبابهم مخافة أن يراه من يعرفه من قيس فيقتل، وقتل أبوه يومئذ،