للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: (١) وقتل مع ابن الجارود عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري، وكان شجاعا شديد البطش، حمل بخراسان بدرة بفمه فعبر بها نهرا، فلما بلغ الحجاج خبر مقتله قال: لا أرى أنسا يعين علي، فلما دخل البصرة استصفى مال أنس، فأتاه فلما دخل عليه قال: لا مرحبا ولا أهلا إيها يا خبيث، شيخ ضلالة جوال في الفتن، مرة مع أبي تراب، ومرة مع ابن الزبير، ومرة مع ابن الجارود أما والله لأجردنك جرد القضيب، ولأعصبنك عصب السلمة، ولأقلعنك قلع الصمغة، فقال أنس: من يعني الأمير؟ قال إياك أصم الله صداك فرجع أنس فأخبر ولده بما لقيه الحجاج به فأشاروا عليه بأن يكتب بذلك إلى عبد الملك، فكتب إليه كتابا شكا فيه الحجاج وما صنع به وما قال له، فأجابه جوابا لطيفا، وكتب إلى الحجاج:

«أما بعد يا ابن أم الحجاج فإنك عبد طمت بك الأمور فعلوت فيها حتى عدوت طورك وتجاوزت قدرك، وأيم الله يا ابن المستفرمة (٢) بعجم الزبيب لأغمزنك غمزة كبعض غمزات الليوث الثعالب، ولأخبطنك خبطة تود لها أنك رجعت في مخرجك من بطن أمك، أما تذكر حال آبائك بالطائف حيث كانوا ينقلون الحجارة على ظهورهم، ويحتفرون الآبار بأيديهم في أوديتهم ومناهلهم، أم نسيت حال آبائك في اللؤم والدناءة في المروءة والخلق، وقد بلغ المؤمنين الذي كان منك إلى أنس بن مالك جرأة وإقداما، وأظن أنك أردت أن تسبر ما عند أمير المؤمنين في أمره، فتعلم إنكاره ذلك أو إغضاءه


(١) بهامش الأصل: قصة أنس بن مالك مع الحجاج.
(٢) الفرم والفرمة: دواء تتضيق به المرأة. القاموس.