للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمر زياد بعد الدعوة]

قالوا: وولّى معاوية زيادا البصرة، فلمّا قدمها كان بينه وبين أقوام عداوة صعد المنبر فقال: الحمد لله الذي رفع منّي ما وضع الناس، وعظّم ما صغّروا، ألا وإنّه قد كان بيني وبين أقوام منكم أشياء قد جعلتها دبر أذني وتحت قدمي، ألا إنّ القدرة تذهب الحفيظة، ألا وإني لو اطّلعت على بعضكم وقد ورّاه بغضي لما هتكت له سترا ولا كشفت له قناعا حتّى يبدي صفحته، فإذا فعل لم أناظره، فأعينوني على أنفسكم يرحمكم الله، ألا وربّ مغتبط بقدومنا سييأس ممّا قبلنا، وآيس ممّا قبلنا سيغتبط بنا، ثم نزل، فلمّا كان الغد من يومه دعا رجلا من الشرط فقال له: انطلق إلى سنان بن مشنوء المزني فادعه، فانطلق إليه فوجده متصبّحا (١)، فرجع إلى زياد فأعلمه، فقال:

انطلق إلى ابن أبي الحرّ فادعه فإنّك ستجده متحزّما، وكان بينهما شيء، فانطلق فوجده في داره متحزّما، بين يديه رواحل تعلف، فقال: أجب الأمير، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ما لي وللأمير، ثمّ ذكر قوله على المنبر فانطلق مع الرسول، فاستعمله على دستميسان (٢) فمكث عليها حينا.

المدائني قال: جاء قوم من أهل ميسان أو دستميسان فقالوا: البصرة من أرضنا، فحطّ عنّا من خراجنا بقدر ما في أيدي العرب، فدعا بني الشعيراء، وكانوا أشعب أهل البصرة فأخبرهم بقولهم، فشتموهم وضربوهم حتّى تركوا خصومتهم وهربوا.


(١) - الصبحة: نوم الغداة. القاموس.
(٢) - دستميسان: كورة جليلة بين واسط والبصرة والأهواز، وهي إلى الاهواز أقرب. معجم البلدان.