قالوا: وسمع زياد حين قدم البصرة تكبيرا في بعض الليالي، فقال:
ما هذا؟ قيل هذه دار عبيد بن عمير تحرس لأنّ الناس من البيات والسّرق في أمر عظيم، وإن المرأة لتستغيث فما يغيثها أحد، فقال زياد: ما كلّ الناس يقدر على ما يقدر عليه عبيد، ما قدومي ها هنا إلا باطل، فلمّا أصبح جمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أيّها الناس أنّه بلغني ما لا صبر عليه، إني قد أجّلتكم في أن يبلغ شاهدكم غائبكم ثلاثا، إنّا إن وجدنا أحدا بعد صلاة العتمة ضربنا عنقه، ثمّ نزل.
وجعلوا يتحدثون بقوله فيهزأوون، فلمّا مضى الأجل دعا عبّاد بن الحصين الحبطي، وكان قد ولاه شرطه، فأمره فطاف فلم يجد أحدا بعد العتمة الا ضرب عنقه، فأصبح في الرحبة خمسمائة رأس، وفعل ذلك ليالي متوالية، فجعل الناس إذا سلّم الإمام في العتمة نهض الرجل من خلفه مبادرا فرّبما ترك نعليه من العجلة، ثمّ نادى مناديه: برئت الذمّة من رجل أغلق بابه، ومن ذهب له شيء فأنا له ضامن، ففتح الناس أبوابهم لا يخافون سرقا.
قال هشام بن الكلبي: وبعث زياد بقطيفة ديباج منسوجة بذهب فألقيت بالخريبة (١)، فمكثت ليالي وأياما ما يمسّها أحد، فبعث إليها بعد فأتي بها.
قال: وقدم أعرابيّ ذات ليلة بغنم له يريد بيعها، فلمّا استوحش من الجبّانة دخل البيوت، فأخذه عبّاد بن الحصين فقال: ويحك أما علمت بنداء