للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمشينا إليه الضراء، ودببنا إليه الخمر (١)، وقلبنا له ظهر المجن، ورجونا أن يقوم بأمرنا من لا يطعمك مال مصر. قال معاوية: يا معشر قريش، حتى متى لا تنصفون من أنفسكم، فقال عبد الرحمن بن الحارث: إن عمرا وذويه أفسدوك علينا وأفسدونا عليك، ما ضارّك لو أغضيت على هذا؟ فقال: إن عمرا لي ناصح، فقال عبد الرحمن بن الحارث: أطعمنا مثل ما أطعمته ثم خذنا بمثل نصيحته، إنا يا معاوية رأيناك تضرب عوام قريش بأياديك في خواصها، كأنك ترى أن كرامها جازوك عن لئامها، وايم الله انك لتفرغ في وعاء ضخم من إناء فعم ولكأنك بالحرب قد أطلق عليك عقالها ثم لا تنظر إليك، فقال معاوية: يا بن أخي ما أحوج أهلك إلى حياتك وأنشد:

أغرّ رجالا من قريش تتابعوا … على سعة مني الحيا والتكرم

وقال أبو الحسن المدائني: قدم على معاوية وفد من قريش فيهم عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف، وابن الزبير فوصلهم، وفضل عبد الله بن جعفر عليهم، أعطاه ألف ألف درهم، فقال عبد الله بن صفوان: يا معاوية إنما صغّر حقوقنا عليك وهوّن أمرنا عندك أنا لم نقاتلك كما قاتلك غيرنا، ولو كنا فعلنا كنا كابن جعفر! فقال معاوية: إني أعطيكم فتكونون بين رجلين إما معدّ بما أعطيه لحربي، وإما مضم له مع بخل به، وإن عبد الله بن جعفر يعطي أكثر مما يأخذ، ثم لا يأتيني حتى يدان أكثر مما أعطي، فخرج عبد الله بن صفوان وهو يقول: والله إن معاوية ليحرمنا حتى نيأس، ويعطينا حتى نطمع.

فولد عبد الله الطويل بن صفوان بن أمية:

[عمرو بن عبد الله،]

كان


(١) الخمر: جماعة من الناس، وخمر توارى. القاموس.