للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ستة أشهر والبعيد سنة وأن تستجم (١) بلاد إن جمدت خربت، وقد كنت شرطت شروطا ووعدت عداة ومنيت أماني لما أردت من إطفاء نار الفتنة وقطع الحرب ومداراة الناس وتسكينهم.

ثم نادى بأعلى صوته: ألا إن ذمة الله بريئة ممن لم يخرج فيبايع، ألا وإني طلبت بدم عثمان قتل الله قاتليه، ورد الأمر إلى أهله على رغم معاطس أقوام، ألا وإنا قد أجلناكم ثلاثا فمن لم يبايع فلا ذمة له، ولا أمان له عندنا.

فأقبل الناس يبايعون من كل أوب، وكان زياد يومئذ عاملا لعلي فلما بلغه أن ابن عامر قد ولي البصرة هرب فاعتصم بقلعة بفارس.

قالوا وولى معاوية عبد الله بن عامر البصرة، والمغيرة بن شعبة الكوفة، ومضى إلى الشام، فوجه الحسن عماله إلى فسا ودر أبجرد، وكان معاوية قد أمر ابن عامر أن يغري أهل البصرة بالحسن فضجوا وجعلوا يقولون قد انقصت أعطياتنا بما جعل معاوية للحسن، وهذا المال مالنا فكيف يصرف إلى غيرنا، ويقال إنهم طردوا عماله في الكورتين فاقتصر معاوية بالحسن على ألفي ألف درهم من خراج أصبهان وغيرها، فكان حضين بن المنذر الرقاشي أبو ساسان يقول: ما وفى معاوية للحسن بشيء مما جعل، قتل حجرا وأصحابه، وبايع لابنه ولم يجعلها شورى، وسمّ الحسن.

حدثني عباس بن هشام عن أبيه، عن أبي مخنف، عن أبي الكنود عبد الرحمن بن عبيد قال: لما بايع الحسن بن علي معاوية أقبلت الشيعة تتلاقى باظهار الأسف والحسرة على ترك القتال، فخرجوا إليه بعد سنتين من يوم بايع معاوية فقال له سليمان بن صرد الخزاعي: ما ينقضي تعجبنا من بيعتك معاوية


(١) - استجمت الأرض: كثر نبتها.