ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة كلهم يأخذ العطاء، وهم على أبواب منازلهم ومعهم مثلهم من أبنائهم وأتباعهم سوى شيعتك من أهل البصرة وأهل الحجاز ثم لم تأخذ لنفسك ثقة في العقد ولا حظا من العطية، فلو كنت إذ فعلت ما فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق والمغرب، وكتبت عليه كتابا بأن الأمر لك من بعده كان الأمر علينا أيسر، ولكنه أعطاك أشياء بينك وبينه ثم لم يف به، ثم لم يلبث أن قال على رؤوس الناس: إني كنت شرطت شروطا ووعدت عداة إرادة لإطفاء نار الحرب ومداراة لقطع هذه الفتنة، فأما إذا جمع الله لنا الكلمة والإلفة وآمننا من الفرقة فإن ذلك تحت قدمي، فو الله ما اغترني بذلك إلا ما كان بينك وبينه وقد نقض، فإذا شئت فأعد الحرب جذعة، وأنذر لي في تقدمك إلى الكوفة، فأخرج عنها عامله وأظهر خلعه وتنبذ إليه ﴿عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ﴾ (١).
وتكلم الباقون بمثل كلام سليمان، فقال الحسن: أنتم شيعتنا وأهل مودتنا، فلو كنت بالحزم في أمر الدنيا أعمل، ولسلطانها أربض وأنصب ما كان معاوية بأبأس مني بأسا، ولا أشد شكيمة ولا أمضى عزيمة، ولكني أرى غير ما رأيتم. وما أردت فيما فعلت إلا حقن الدم، فارضوا بقضاء الله وسلّموا لأمره، والزموا بيوتكم وأمسكوا - أو قال: كفّوا أيديكم - حتى يستريح برّ أو يستراح من فاجر.
حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي، ومحمد بن حاتم المروزي قالا: ثنا أبو داود صاحب الطيالسة عن شعبة عن يزيد بن حمير عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: قلت للحسن إن الناس يقولون إنك تريد الخلافة