للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأعداء من عاديت، فقال الخوارج: تسابق هؤلاء وأهل الشام إلى الكفر كفرسي رهان، بايع أهل الشام معاوية على ما أحبوا وكرهوا، وبايع هؤلاء عليا على أنهم أولياء من والى، وأعداء من عادى.

وبعث علي عبد الله بن عباس إلى الخوارج وهم معتزلون بحروراء وبها سموا الحرورية، فقال: أخبروني ماذا نقمتم من الحكمين؟ وقال الله في الشقاق: ﴿فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ﴾ (١) الآية: وقال في كفارة الصيد يصيبه المحرم: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (٢) قالوا: ما جعل الله حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه فهو إليهم، وأما ما حكم به وأمضاه في الشرائع والسنن والعزائم فليس للعباد أن ينظروا فيه، ألا ترى أن الحكم (٣) في الزاني والسارق والمرتد وأهل البغي مما لا ينظر العباد فيه ولا يتعقبونه. وقالوا: إن الله يقول: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ فعمرو بن العاص عدل؟ وحكم الله في معاوية وأتباعه أن يقاتلوا ببغيهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. فلم يجبه أحد منهم، ويقال أجابه ألفا رجل، ويقال: أربعة آلاف رجل.

ثم إن عليا سأل عن يزيد بن قيس الأرحبي فقيل: إنهم يطيفون به ويعظمونه، فخرج عليّ حتى أتى فسطاطه فصلى فيه ركعتين ثم خاطبهم فقال:

نشدتكم الله هل تعلمون أني كنت أكرهكم للحكومة فيما بيننا وبين القوم، ولوضع الحرب، واعلمتكم انّهم إنّما رفعوا المصاحف خدعة ومكيدة، فردّ عليّ رأيي وأمري، فشرطت في الكتاب على الحكمين أن يحييا


(١) - سورة النساء - الآية:٤٠.
(٢) - سورة المائدة - الآية:٩٥.
(٣) - في رواية أخرى «حكمه» (من الهامش).