قالوا: وخرج مروان بعد ما اجتمع له أمر الناس بالشام إلى مصر وذلك في جمادى سنة خمس وستّين، واستخلف ابنه عبد الملك على دمشق، وكان والي مصر من قبل ابن الزبير عبد الرحمن بن عتبة بن أبي إياس بن الحارث بن عبد أسد بن جحدم بن عمرو بن عابس بن ظرب بن الحارث بن فهر، فوجّه ابن جحدم إلى مروان ثلاثة آلاف فارس عليهم السائب بن هشام بن عمرو بن ربيعة العامري، وكان مروان لما مرّ بفلسطين أشار عليه روح بن زنباع بأخذ ابنين له كانا هناك، ويقال: إنّهما كانا برفح فكانا رهينة عنده، وقال قوم: إنّ الغلامين كانا ابني ابن جحدم، فلما لقي السائب مروان بجمعه دون الفسطاط أمر أن يوقف الغلامان بين الخيلين ويقال له:
يقول لك أمير المؤمنين: قد ترى هذين الغلامين، والذي نفسي بيده لتصرفنّ خيلك إلى الفسطاط أو لأضربنّ أعناقهما ولأرمينّ إليك برؤوسهما فانصرف السائب راجعا إلى الفسطاط، فغضب ابن جحدم فقال كريب بن أبرهة الحميري: إنّه لم يبتل بمثل ما ابتلي به السائب أحد إلاّ فعل مثل فعله