قرأت على أبي الحسن المدائني، وحدثني غيره من أهل العلم، قالوا:
كان هشام بن عبد الملك ولى مروان بن محمد أرمينية وآذربيجان، فلما ولي الوليد بن يزيد أقره، فقتل الوليد ومروان بكسال من أرض أرمينية، فأتاه خبره وهو بها، فعزم على إتيان الجزيرة والشام فقيل له: إن عطّلت الثغر اصطلم الخزر ومن فيه من الأمم أهله من المسلمين، فخطب مروان ودعا الناس إلى السمع والطاعة والبيعة لمن يجتمع الناس عليه، وأعطاهم أرزاقهم، وفرض لعشرة آلاف من الأبناء وغيرهم، وبعث إسحاق بن مسلم العقيلي، وثابت بن نعيم الجذامي إلى أهل الباب والأبواب وملوك الجبال وتفليس يدعوهم إلى بيعة من رضي المسلمون به، وولى آذربيجان حميد بن عبد الرحمن اللخمي، فلما رجع ثابت بن نعيم من حيث وجهه إليه مروان فارق مروان وخالفه، ودعا أهل الشام إلى الخروج معه، وقال: قد قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك فسيروا على راياتكم إلى الشام قافلين، فأجابوه وقالوا: قد قتل الخليفة فليس لأحد علينا سلطان، فالرأي أن نأتي الشام فنكون مع من يجتمع الناس عليه ويرضون به، فعسكروا وبلغ مروان ذلك فقال: إنكم إنما أردتم الإغارة على أهل الذمة فيما بينكم وبين الشام.
فاجتمع على قتالهم ودعا أهل الجزيرة إلى ذلك فأجابوه، فترك أهل الشام ما أجمعوا عليه من أمر ثابت بن نعيم ورفضوه، وأسلموا ثابتا فأخذه مروان فحبسه وحبس بنيه وهم: نعيم، وبكر، ورفاعة، وعمران، وهمّ بقتلهم.
فطلب إليه فيهم فخلاّهم.
واستخلف مروان على أرمينية عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي، وتوجّه يريد الشام، وقدم ابنه عبد الملك بن مروان بن محمد إلى الجزيرة،