لا تستقلوها، فيسمع صوته بذلك من عدّة منازل، فلمّا اشتدت به العلّة دعا بنيه فقال لهم حين حضروا: يا بني أوصيكم بتقوى الله فإنها عصمة باقية وجنة واقية، وقروا كبيركم وارحموا صغيركم، وابذلوا للنّاس معروفكم، وجنبوهم أذاكم، وأكرموا مسلمة بن عبد الملك فإنه سنكم الذي به تتزينون، ونابكم الذي عنه تفترون، وسيفكم الذي به تصولون، فاقبلوا قوله، واصدروا عن رأيه، وأسندوا جسيم أمركم إليه، وأكرموا الحجّاج بن يوسف، فإنه وطأ لكم المنابر ودوخ لكم البلاد، قد عرفتم بلاءه في الملحد ابن الزبير، وفي طغاة أهل العراق، واجتهاده في طاعتنا، ومحاماته علينا ولم يلبث أن مات، فصلى عليه الوليد.
المدائني عن عامر بن حفص قال: مرض صديق لعبد الملك بن مروان من جرح كان به، فقال لروح بن زنباع الجذامي: أتيت فلانا؟ قال: نعم، قال: فأين جرحه؟ قال في عجانه، قال: مه، ثمّ قال لشبة بن عقال: اذهب فانظر أين جرحه، فمضى ثمّ أتاه فقال: جرحه بين الثنة والصفنة، وهي جلدة الخصيتين، فقال عبد الملك لروح: قل كذا.
المدائني عن خالد بن يزيد بن بشر عن أبيه: إنّ عبد الملك أتي برجل من قيس فقال له: زبيري عميري يعني عمير بن الحباب، فقال له: والله لا يحبك قلبي أبدا، قال: يا أمير المؤمنين إنما يبكي على الحب المرأة، ولكنّ عدلا وإنصافا.
حدثني حفص بن عمر عن الهيثم بن عدي عن عوانة وابن عيّاش قالا: دخل الهيثم بن الأسود النخعي على عبد الملك، وقد أتي بخارجي من النخع، وعبد الملك يحلف ليقتلنه فقال للهيثم: هذا رجل من