حدثني مشايخ لنا، والمدائني، قالوا: استخلف أبو العباس المنصور وعيسى بن موسى بعد المنصور، لأنه كان غائبا بمكة، فلم يأمن عليه الحدثان في سفره فيضطرب الناس وينتشر أمرهم، فلما قام المنصور جعل يرشّح ابنه محمّدا المهدي للخلافة لما رأى فيه من أمارات الخير، وقدم أبو نخيلة على المنصور فقال له أبو عبيد الله معاوية بن عبيد الله كاتب المهدي:
قل شعرا تدعو فيه أمير المؤمنين إلى البيعة للمهدي، فقال:
قل للأمين الواحد الموحّد … إنّ الذي ولاّك ربّ المسجد
ليس وليّ عهدها بالأرشد … عيسى فزحلفها إلى محمّد (١)
فلما أنشد أبو نخيلة أرجوزته هذه وهي طويلة روّاها الخدم والبطانة وأبلغوها المنصور، فدعا به وعنده أهل بيته وقواده والناس وعيسى بن موسى عن يمينه فاستنشده فأنشده إياها، وخرج فلحقه عقال بن شبّة فقال له: يا أبا نخيلة، أما أنت فقد سررت أمير المؤمنين، فلئن تمّ الأمر لتصيبنّ خيرا
(١) - الأغاني ج ٢ ص ٤١٧ مع فوارق. الصولي - أشعار أولاد الخلفاء ص ٣١٠.