للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمر حوثرة بن وداع الأسدي]

قالوا: لمّا قتل ابن أبي الحوساء اجتمعت الخوارج فولّوا أمرهم حوثرة بن وداع بن مسعود الأسدي، وكان حوثرة نازلا ببراز الرّوز (١) من السواد فلمّا قتل ابن أبي الحوساء قام فعاب فروة بن نوفل لشكّه في قتال عليّ، ثمّ دعا الخوارج واعتقد من براز الروز وسار في مائة وخمسين حتّى قدم النّخيلة، وانضمّ إليه فلّ ابن أبي الحوساء وهم قليل، فدعا معاوية أبا حوثرة فقال: اخرج إلى ابنك فلعلّه يرقّ إذا رآك، فأتاه أبوه فكلّمه وناشده وقال له: ألا أجيئك بابنك فلعلّك إذا رأيته كرهت فراقه؟ فقال: أنا إلى طعنة من يد كافر برمح أتقلّب فيه ساعة أشوق منّي إلى ابني، فرجع أبوه إلى معاوية فأخبره بقوله، فقال: هذا عات؛ ووجّه معاوية عبد الله بن عوف بن أحمر في ألفين، وخرج أبو حوثرة فيمن خرج، فدعا ابنه إلى البراز، فقال: يا أبت لك في غيري من القوم سعة فأعفني منك، فقاتلهم ابن أحمر وصبر وصبروا، وبارز حوثرة ابن أحمر فطعنه ابن أحمر فقتله وقتل أصحابه، إلا خمسين رجلا دخلوا الكوفة، وذلك في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين. ونظر ابن أحمر إلى حوثرة فرأى بوجهه أثر السجود قد غلب على وجهه، وكان صاحب صلاة وعبادة، فندم على قتله وقال:

قتلت أخا بني أسد سفاها … لعمر أبيك ما لقّيت رشدي

قتلت مصلّيا محياء ليل … طويل الحزن ذا برّ وقصد


(١) - براز الروز: من طساسيج السواد ببغداد من الجانب الشرقي. معجم البلدان.