للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فإنّي تركته لصلاح أمر الأمّة وألفتها وحقن دمائها، فأمسك معاوية؛ وبعث إليهم جماعة من أهل الشام فهزمهم الخوارج، فندب معاوية أهل الكوفة لقتالهم وقال: لا أمان لكم عندي ولا رزق أو تكفوني أمرهم، فخرج من أهل الكوفة بشر كثير وعليهم خالد بن عرفطة العذري، فواقفهم وتراموا بالحجارة والنّبل، وجاءت أشجع إلى فروة فقالوا: هلمّ نكلّمك، فاعتزل معهم، فوعظوه ثمّ حملوه حتّى أدخلوه الكوفة، وأخذت طيّء القعقاع بن نفر الطائي فأدخلته، وأخذ بنو شيبان عتريس بن عرقوب فأدخلوه، وكان فروة جعل خليفته والقائم بأمر أصحابه إن حدث به حدث عبد الله بن أبي الحوساء الطائي، وكان ممّن اعتزل يوم النهر في ثلاثمائة، وقدم الكوفة فبايعه الخوارج من أصحاب فروة بعد دخول فروة الكوفة وحبس قومه إيّاه عندهم، فقاتل خالد بن عرفطة وأهل الكوفة فقتل ابن أبي الحوساء، قتله رجل من بني تغلب يقال له عبيد ابن جرير، وذلك في سنة إحدى وأربعين في شهر ربيع الأوّل، ويقال في جمادى الأولى، وقتل جلّ أصحابه؛ وكان ابن أبي الحوساء حين ولي أمر الخوارج قد خوّف من السلطان أن يصلبه إذا قتله فقال:

ما إن أبالي إذا أرواحنا قبضت … ماذا فعلتم بأوصال وأبشار

تجري المجرّة والنسران عن قدر … والشمس والقمر الساري بمقدار

وقد علمت وخير القول أنفعه … أنّ السعيد الذي ينجو من النار

ويقال: انّ الشعر لفروة بن نوفل حين خرج على المغيرة بن شعبة.