للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرزدق:

وإذ نحبت كلب عن الناس أيهم … أحق بتاج الماجد المتكرم

على نفر هم من نزار ذؤابة … وأهل الجراثيم التي لم تهدّم

فلم يجل عن أحسابهم غير غالب … جرى بعناني كل أبلج خضرم (١)

وكان غالب أتى علي بن أبي طالب والفرزدق معه، فقال له علي: من هذا معك؟ قال: ابني وهو شاعر. فقال: علمه القرآن فإنه خير له من الشعر. ومات غالب فدفن بكاظمة فاستجار بقبره قوم في حمالة، فاحتملها الفرزدق وقال:

فلله عينا من رأى مثل غالب … قرى مائة ضيفا ولم يتكلم (٢)

واستجار بقبره مكاتب لبني منقر فقال:

بقبر ابن ليلى غالب عذت بعد ما … خشيت الردى أو أن أردّ على قسر

بقبر امرئ تقري المئين عظامه … ولم أر إلا غالبا ميتا يقري

فقال لي استقدم أمامك إنما … شكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر

فسأل الفرزدق فأعطاه جملا. وكان ولد غالب أبي الفرزدق:

الأخطل، والفرزدق وجعثن، أمهم لينة بنت قرظة الضبي.

فأما الأخطل فكان أكبر من الفرزدق، وكان من وجوه قومه، وكان محمد بن الأخطل توجه مع عمه الفرزدق إلى الشام فمات فقال الفرزدق:

سقى أريحاء الغيث وهي بغيضة … إليّ ولكن كي ليسقاه هامها

فبتّ أقاسي ليل أقرب من مشى … أبوه ابن أمي غاب عني نيامها


(١) ديوان الفرزدق ج ٢ ص ١٩٩ - ٢٠٠.
(٢) ديوان الفرزدق ج ٢ ص ١٩٩.