للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال مصعب: دعوها. فلما دفن وقفت على قبره فقالت: أيها الناس إنكم خول الله في بلاده، وشهوده على عباده، وإنا قائلون خيرا، ومثنون حسنا، أنشد الله رجلا إن قلت حقا إلا صدقني، وإن قلت باطلا إلا كذبني، ثم عددت حلمه، وفعله فقالوا: صدقت.

وقال المصعب وهو في جنازة الأحنف يمشي أمامها متسلبا: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات سيد العرب. فقال رجل من بكر بن وائل: حاشى الأمير.

المدائني عن جويرية بن أسماء قال: لما مات الأحنف قال مصعب:

اليوم مات الزبير، وجعل يسترجع.

المدائني عن ابراهيم بن يزيد الأسيدي قال: أخبرني من شهد جنازة الأحنف قال: رأيت المصعب في الجنازة وقد ألقى عطافه وحمل مقدم السرير يسترجع ويقول: اليوم مات الحلم، وذهب الوفاء.

المدائني عن أبي اليقظان عن وضاح بن خيثمة قال: مروا بجنازة الأحنف على شيخ من بني أسد مسنّ لا يقدر على النهوض، فقال الشيخ إنا لله هو أمس سيدنا، واليوم جنازة يهدى إلى حفرته.

قالوا: وورد البصرة بوفاة الأحنف رجل من بني يشكر، فقال رجل من بني سعد:

أمات ولم تبك السماء لفقده … ولا الأرض أو تبدو والكواكب في الظهر

كذبت إذن ما أمسكت بطن حامل … جنينا ولا أضحى على الأرض من شعر

ولما أتيت اليشكري وجدته … بأمر أبي بحر بن قيس أخا خبر

وصلى عليه مصعب، وولي دفنه، ووقف فترحم عليه، ودمعت عينه.