للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله (١) ما صدقت ولا بررت. فأمر بأبي بكرة، فضرب حتى غشي عليه.

فأفاق وابنه عبد الرحمن بن أبي بكرة قاعد عند رأسه، فقال له: يا أبة، ألم تعلم أن القوم أعداء الرجل؟ فقال: «يا بنيّ، لعلك تظنّ أن أباك قال هذه المقالة رغبة منه في عليّ؟ والله لأن أكون ذبابا أنتقل على الجيف أحبّ إليّ أن أدخل فيما دخل فيه عليّ، ولكنه قال فيه غير الحق، وسألنا بالله: «أما صدقت؟» فأخبرناه أنه لم يصدق. وأن عليا غير مطعون عليه في بطن ولا فرج ولا نسب ولا سابقة. و والله ما ميتة أحبّ إليّ من ميتة عند كلمة حق تخرج من فيّ». ثم إن بسر بن أرطاة (٢) حبس بني زياد، وكتب إلى أبيهم يعلمه أنه إن لم يقدم صلبهم. فخرج أبو بكرة إلى معاوية، فكلمه في أن يؤمنهم ففعل، وكتب إلى بسر بذلك. فلما أورد أبو بكرة كتابه، أطلقهم بسر. وكان قدوم أبي بكرة على معاوية بالكوفة. فيقال إنه قال له: إن الناس لم يعطوك بيعتهم على قتل الأطفال. فقال: وما ذاك؟ قال: ولد زياد. فأمر عند ذلك بالكتاب في أمرهم.

قالوا: وكان عبد الرحمن بن أبي بكرة يلي ما كان لزياد بالبصرة. فبلغ معاوية أن لزياد أموالا عنده. وكان زياد قد كتب إليه في إحرازها تخوفا من أن يعرض لها معاوية فكتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة في أخذ عبد الرحمن بتلك الأموال. وكان يحفظ لزياد تركه الشهادة عليه بالزنا. فغيب عن عبد الرحمن، وقال له: لئن كان أبوك أساءني، لقد أحسن عمك، ولأحفظنّ لك ذلك، وعذر في عذابه، فألقى على وجهه حريرة مبلولة بالماء، فلصقت


(١) - نهاية السقط من الأصل.
(٢) - في هامش الأصل: يقال فيه بسر بن أرطاة، وبسر بن أبي أرطاة، معا.