للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يحرقهم وكلم فيهم، فأمر بإطفاء تلك النار.

وكان على الثلمة التي يخرج منها إلى طريق الشام عبد الرحمن بن أسماء الفزاري وهو الذي كان يقاتل يومئذ ويقول:

أنا ابن أسماء وهذا مصدقي … أضربهم بصارم ذي رونق

فلما جنّ عليه الليل خلى سبيلهم فمضوا حتى لحقوا بمعاوية، وأصبح المسيّب فلم يجد في الحصن أحدا، فسأله بعض أصحابه أن يأذن له في اتباع القوم فأبى ذلك.

وقدم المسيب على عليّ وقد بلغه الخبر؛ فحجبه أياما ثم دعا به فوبخه وقال: حابيت قومك وداهنت وضيّعت، فاعتذر إليه؛ وكلمه وجوه أهل الكوفة في الرضاء عنه؛ فلم يجبهم وربطه إلى سارية من سواري المسجد، ويقال: إنه حبسه ثم دعابه فقال له: إنه قد كلمني فيك من أنت أرجى عندي منه، فكرهت أن يكون لأحد منهم عندك يد دوني، وأظهر الرضا عنه، وولاه قبض الصدقة بالكوفة، فأشرك في ذلك بينه وبين عبد الرحمن بن محمد الكندي، ثم إنه حاسبهما فلم يجد عليهما شيئا؛ فوجّههما بعد ذلك في عمل ولاهما إياه، فلم يجد عليهما سبيلا، فقال: لو كان الناس كلهم مثل هذين الرجلين الصالحين، ما ضرّ صاحب غنم لوخلاها بلا راع، وما ضرّ المسلمات لا تغلق عليهنّ الأبواب، وماضر تاجر لو ألقى تجارته بالعراء.