وحرقوص بن زهير، وإخواننا الصالحين، ثم تنادوا بالتحكيم وحملوا على شريح وأصحابه فانكشفوا، وبقي شريح في مائتين، فانحاز إلى بعض القرى وتراجع إليه بعض أصحابه فصار في خمسمائة، ودخل الباقون الكوفة، فأرجفوا بقتل شريح، فخرج علي بنفسه وقدّم أمامه جارية بن قدامة في خمسمائة ثم أتبعه في ألفين.
فمضى جارية حتى صار بإزاء الخوارج فقال لأبي مريم: ويحك أرضيت لنفسك أن تقتل مع هؤلاء العبيد؟ والله لئن وجدوا ألم الحديد ليسلمنك، فقال: ﴿إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً﴾ (١) ولحقهم علي فدعاهم إلى بيعته فأبوها وحملوا على عليّ فجرحوا عدة من أصحابه، ثم قتلوا إلا خمسين رجلا استأمنوا فآمنهم عليّ.
وكان في الخوارج أربعون جريحا، فأمر عليّ بإدخالهم الكوفة ومداواتهم ثم قال: الحقوا بأيّ البلاد شئتم.
وكان مقتل أبي مريم في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين.
وقال أبو الحسن المدائني: كان أبو مريم في أربعمائة من الموالي والعجم، ليس فيهم من العرب إلا خمسة من بني سعد، وأبو مريم سادسهم.