للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الحسن بن علي غير طاعن عليه في بطن ولا فرج.

قالوا: وأوصى أن يقوم في أرضه ثلاثة من مواليه ولهم قوتهم، وإن هلك الحسن قام بأمر وصيتي الأكبر فالأكبر من ولدي ممن لا يطعن عليه.

قالوا: وكان ابن ملجم رجلا أسمر حسن الوجه أبلج، شعره مع شحمة أذنيه، مستجدا - يعنون أن في وجهه أثر السجود - فلما فرغ من أمر علي ودفنه؛ أخرج إلى الحسن ليقتله، فاجتمع الناس وجاؤوا بالنفط والبواري والنار فقالوا: نحرقه. فقال ولده وعبد الله بن جعفر: دعونا نشف أنفسنا منه، فقالت أم كلثوم بنت علي: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين؟ قال: لو كان أمير المؤمنين ما قتلته، ثم بدر عبد الله بن جعفر فقطع يديه ورجليه وهو ساكت لا يتكلم، ثم عمد إلى مسمار محمّي فكحل به عينيه فلم يجزع وجعل يقول: كحلت عمك بملمول له مض (١)، ثم قرأ: ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ حتى فرغ منها وعيناه تسيلان، ثم عولج عن لسانه ليقطع فجزع وما نعهم، فقيل له: أجزعت؟ قال: لا ولكني أكره أن أبقى فواقا - أو قال: وقتا - لا أذكر الله فيه بلساني، فقطعوا [لسانه]، ثم إنهم جعلوه في قوصرة كبيرة ويقال: في بواري وأحرق بالنار، والعباس بن علي يومئذ صغير لم يستبان بلوغه. ويقال: إن الحسن ضرب عنقه وقال: لا أمثل به.

ومضى إلى الحجاز بمقتل علي سفيان بن أمية بن أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس ولا ينعيه له فلما بلغ عائشة خبره أنشدت قول البارقي:

فألقت عصاها واستقرت بها النوى … كما قرّ عينا بالإياب المسافر


(١) - «ممض»، في رواية أخرى (من الهامش). وممض موجع، محزن، مؤلم. القاموس.