للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما الرأي فيما ذكرت لك، وكيف وجه العمل فيما أعلمتك.

فقال عيسى: إن من سوء التدبير تركك الاستعداد للأمر المخوف قبل وقوعه فأرشد الله أمير المؤمنين وأدام توفيقه، ومن الصواب أن تولي يا أمير المؤمنين المدينة رجلا من أهل بيتك له مكر ونكر، وتأمره بطلبهما، والبحث عنهما، وإذكاء العيون عليهما، حتى يظفرك الله بهما، فقال: يا أبا موسى، إن عداوتهما لنا باطنة لم يظهروها فإن استكفيت أمرهما رجلا من أهل بيتي منعته الرحم من مكروههما وحجزته القرابة عن طلبهما، قال: فولّ المدينة رجلا من أهل خراسان له حدّ وجدّ، ومره يقعد لهما بكل مرصد ولا يفتر عن طلبهما حتى يظفر بهما. فقال: يا أبا موسى إن محبة آل أبي طالب في قلوب أهل خراسان ممتزجة بمحبتنا، وإن ولّيت أمرهما رجلا من أهل خراسان حالت محبته لهما بينه وبين طلبهما والفحص عنهما ولكن أهل الشام قاتلوا عليا على أن لا يتأمّر عليهم لبغضهم إياه، ثم مات علي وهلك الذين قاتلوه فقام بنوه من بعده يطلبون الأمر فقام أبناء أهل الشام الذين قاتلوه فمنعوا بنيه الأمر وسفكوا دماءهم للبغض الذي ورثوه عن آبائهم، فالرأي أن أولي المدينة رجلا من أهل الشام، فولى رياح بن عثمان بن حيان المري المدينة وشحذه على طلب محمد وابراهيم، فلما قدم المدينة صعد المنبر فقال:

يا أهل يثرب لا مقام لكم فاربعوا (١)، أنا ابن عم مسلم بن عقبة الشديد الوطأة، كان عليكم الوبيل الوقعة بكم الخبيث السيرة فيكم، ثم أنتم اليوم عقب الذين حصدهم السيف، وايم الله لأحصدنّ منكم عقب الذين حصد، ولألبسنّ الذل عقب من ألبس.


(١) - الربع: الدار حيث كانت، والمحل والمنزل. القاموس.