الموت: هذا أمر الله الذي لا مردّ له، فصبرا واحتسابا وتسليما، والله ما أخاف الموت الذي له خلقت ولكني أخاف التقصير في العمل.
حدثني أبو حفص الشامي، حدثني أبو الزبير الدمشقي عن أبيه قال:
بلغني أنه لما نزل الطاعون قال الفضل بن عباس، وكان فتى قريش يومئذ عقلا وجمالا وشجاعة ومروءة: إن أحقّ ما صبر عليه ما لا سبيل إلى تبديله.
وحدثني أبو حفص عن أبي الزبير، حدثني أبي قال: نفق فرس لرجل كان مع الفضل بن عباس في رفقته، فأعطاه فرسا كان يجنبه، فعاتبه بعض المنتصحين إليه فقال: أبتبخيلي تنتصح إليّ؟! إنه كفى لؤما أن تمنع الفضل وتترك المواساة، والله ما رأيت الله حمد في كتابه إلا المؤثرين ﴿عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ﴾ (١).
قالوا: وتوفي الفضل في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة، وكان له يوم قبض النبي ﷺ ثماني عشرة سنة وأشهر، ولم يولد للفضل إلا أم كلثوم بنت الفضل، وأمها صفيّة بنت محمية بن جزء الزبيدي حليف بني جمح، وأمها جمحيّة، فتزوج الحسن بن علي أم كلثوم وكان أبا عذرها، وهي أول من تزوج من النساء، فولدت له ثلاثة بنين وابنة درجوا كلهم، وفارقها فخلف عليها أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري فولدت له موسى بن أبي موسى، ويقال إنها ولدت له أيضا ولدين آخرين، وتوفي أبو موسى عنها فخلف عليها عمران بن طلحة بن عبيد الله، ثم فارقها فرجعت إلى دار أبي موسى بالكوفة فماتت بها، وهي أول قرشية دفنت في ظهر