الزبير سأل عبد الله بن الزبير ابن جعفر أن يقاسمه فأجابه إلى ذلك، ووعده البكور معه إليها، ومضى ابن الزبير إلى الحسن والحسين وعبيد الله بن العباس وإلى جماعة من أبناء المهاجرين والأنصار فسألهم أن يحضروا ما بينه وبين ابن جعفر، فأجابوه وغدوا لميعاده، ووافاهم ابن جعفر، وجاء ابن الزبير معه بجزور ودقيقه وقال لوكيله: أنخ الجزور ناحية واستر أمرها ولا تحدثنّ فيها حدثا حتى آمرك فإني لا آمن انتقاض هذا الأمر بيني وبين ابن جعفر، ثم سأل القوم أن يسألوا عبد الله بن جعفر أخذ الغامر من الضيعة وتسليم العامر له، فكلموه فأجابهم إلى ذلك، وجاع القوم حتى تشاكوا الجوع، فقال الحسن بن علي: لو كانت البراذين تؤكل أطعمتكم برذوني، وقال الحسين: لو كانت البغال تؤكل أطعمتكم بغلي، فقال عبيد الله بن العباس: لكن البخاتي تؤكل، وكان تحته بختيّة قد ريضت فأنجبت فنهض إليها فكشط عنها رحلها، وأخذ سيفه فوجأ به لبّتها، ونهض الناس إليها بكسر المرو والسكاكين وغير ذلك يسلخونها، وأخذوا لحمها وأوقدوا سعف النخل، وبعث عبيد الله بن العباس فأتوا بقدور وخبز كثير فشووا وطبخوا، فلم يشعر ابن الزبير إلا بريح القتار (١) وبالدخان، فظنّ أن وكيله نحر جزوره، فجعل يشتمه ويعذله، فقال له: يرحمك الله، إن جزورك على حالها، ولكن عبيد الله بن عباس أطعمهم بختيته؛ فأكل القوم وانصرفوا، وأتي عبيد الله بدابّة فركبها وانصرف.