للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهيثم بن عدي: وجّه أبو العباس حين استخلف أبا جعفر في ثلاثين من بني هاشم والفقهاء فيهم الحجاج بن أرطاة، إلى أبي مسلم ليهنؤوه بظهور الإمام وما فتح الله على يديه، ويعلموه ما كان له من الأثر الجميل عند أمير المؤمنين والذي هو عليه من شكره، فلما قدم عليه ابو جعفر وقف على بابه محجوبا ساعات. ثم أذن له ولم يظهر له من التبجيل ما كان يستحقه ولم يؤمّره، فحقد عليه، فلما قدم على أبي العباس قال: إنه لا ملك ولا سلطان حتى تقتل أبا مسلم فقد أفرط في الدالّة وعدا طوره، فأشار إليه أن أسكت.

وحدثني أبو مسعود الكوفي عن اسحاق بن عيسى بن علي عن المنصور، حدثني عبد الله بن صالح عن الهيثم بن عدي وغيره قال: أرسل يزيد بن عمر بن هبيرة وهو محصور بواسط إلى المنصور وهو بإزائه: «إني خارج اليك يوم كذا وداعيك الى المبارزة فقد بلغني تجبينك إيّاي»، فكتب إليه المنصور: «يا بن هبيرة إنك امرؤ متعدّ لطورك جار في عنان غيّك، يعدك الشّيطان ما الله مكذّبه، ويقرّب لك ما الله مباعده، أفصح رويدا تتمّ الكلمة ويبلغ الكتاب أجله وقد ضرّيت لي، مثلي ومثلك أن أسدا لقي خنزيرا فقال الخنزير: قاتلني، فقال الأسد: إنما أنت خنزير ولست لي بكفؤ ولا نظير، ومتى فعلت الذي دعوتني إليه فقتلتك قيل قتل خنزيرا، فلم أعتقد بذلك فخرا ولا ذكرا، وإن نالني منك شيء كان سبّة عليّ وإن قلّ، فقال: إن أنت لم تفعل رجعت فأعلمت السباع أنك نكلت عني وجبنت عن قتالي، فقال الأسد: احتمال عار كذبك أيسر عليّ من لطخ شاربي