المدائني قال: كتب أبو العباس إلى زياد بن عبيد الله بن عبد الله الحارثي وهو عامله على المدينة أن يخرج المخنثين عنها، فأمر بإخراجهم، فقال له صاحب شرطه: إن في دارنا مخنثا، فإن رأى الأمير أن يدعه، فقال: دع في كل دار مخنّثا، فقال: إذا نحتاج إلى أن نجلبهم من الآفاق.
وكان زياد بخيلا حقن بادهان لعلة كانت به، فأراد غلمانه هراقة ما خرج منه، فقال: صفّوا هذه الأدهان واستصبحوا بها ولا تهريقوها، وأكل معه رجل يوما فأتي بجدي فجعل الرجل يتناول منه تناولا شديدا، فقال له: إني أراك تأكل لحم هذا الجدي كأن أمه نطحتك، فقال: وأراك أيها الأمير تشفق عليه كأن أمه أرضعتك. وأكل عنده الغاضري، ويقال أشعب، في شهر رمضان فقدمت إليه مضيرة فجعل يأكل منها أكلا شديدا، فقال له:
إن أهل السجن يحتاجون في هذا الشهر إلى إمام يصلي بهم فأدخلوا فلانا ليصلي بهم، فقال: أو غير ذلك أصلح الله الأمير، أحلف بالطلاق أن لا آكل مضيرة أبدا.
حدثني حفص بن عمر عن الهيثم بن عدي قال: كانت أم سلمة بنت يعقوب المخزومية امرأة أبي العبّاس عند مسلمة بن هشام المعروف بأبي شاكر، وكان أبو شاكر صاحب شراب فشكته أم سلمة إلى العباس بن الوليد بن عبد الملك فعاتبه فطلقها، فصارت إلى فلسطين فتزوجها أبو العباس أمير المؤمنين فكلمته في سليمان بن هشام وقالت انه كان مباينا لمروان فأمر أن لا يعرض له، فكان يدخل عليه. فبينا هو ذات يوم عنده إذ دخل عليه سديف بن ميمون مولى بني هاشم، وكان طويلا أحنى، فأنشده: