للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يرجعون، وقد رأيت أن أبعث إليهم من يعقر نخلهم ويغور عيونهم، قال: فسكت جعفر، فقال له: ما لك لا تتكلم؟ قال: إن أذن لي أمير المؤمنين تكلمت، فقال: قل، قال: إنّ سليمان أعطي فشكر، وإنّ أيّوب ابتلي فصبر، وإنّ يوسف قدر فغفر، وقد وضعك الله في السطة من بيت النبوّة وفضّلك بالخلافة وآتاك علما كاملا فأنت حقيق بالعفو عن المسيء والصفح عن المجرم، قال: ففثأ غضبه وسكّنه.

حدثنا محمد بن الأعرابي عن علي مولى قريش قال: دخل رجل من قيس أحسبه أبا الهيذام، وقال غير علي: دخل ابن شبرمة على المنصور فقال له المنصور: ألك حاجة؟ قال: نعم بقاؤك يا أمير المؤمنين، فقال: ويحك سلني قبل أن لا يمكنك مسألتي، فقال: يا أمير المؤمنين، والله ما أستقصر عمرك، ولا أخاف بخلك، ولا أغتنم ما لك، وإن سؤالك لشرف وعطاك لفخر؛ وما بامرئ بذل وجهه إليك شين ولا نقص، وعندي من فضل الله خير كثير.

وحدثني أحمد بن الحارث عن المدائني قال: مات إسحاق بن مسلم من بثرة خرجت به في ظهره، فحضر المنصور جنازته، وحمل سريره حتى وضعه وصلى عليه، وجلس عند قبره، فقال له موسى بن كعب أو غيره:

يا أمير المؤمنين، أتفعل هذا به، وكان والله مبغضا لك كارها لخلافتك؟ قال: ما فعلت هذا إلاّ شكرا لله إذ قدمه أمامي، قال: أفلا أخبر أهل خراسان بهذا من رأيك، فقد دخلتهم وحشة لما فعلت؟ قال: بلى، فأخبرهم فكبّروا.