وحدثني عبد الله بن مالك الكاتب، عن الربيع قال: جلس المنصور يوما بالنجف بالكوفة يشرف على الخورنق وظهر الكوفة، فقال: يا ربيع ابغني رجلا يحدثني، فقال: يا أمير المؤمنين بالباب عبد الله بن الربيع الحارثي وأنت تحب حديثه، فقال: نعم لولا كثرة سؤاله الحوائج، فقال:
أنا أقطع عنك حوائجه في هذا اليوم، فخرج إليه فاشترى منه مسألته الحوائج بمائتي دينار، فلما دخل ورأى طيب نفس المنصور جعل يعرّض بالسخاء وينشد شعر حاتم الطائي، فقال: يا ربيع لا تف له فإنه لم يف لك، كفى بالتعريض مسألة. وقال: أنشدني قول كثّير: إذا المال لم يوجب عليك، فأنشده:
إذا المال لم يوجب عليك عطاءه … صنيعة تقوى او صديق تخالقه
منعت وبعض المنع حزم وقوة … فلم يفتلذك المال إلاّ حقائقه (١)
فكان عبد الله بن الربيع يقول: خرجت من عند المنصور وأنا أحب الناس إليه.
المدائني، قال: دخل المنصور المدينة فقال للربيع: ائتني برجل يسامرني ويحدثني، فأتاه برجل ظريف كان منقطعا إليه، فقال له المنصور:
من أنت وأين منزلك؟ قال: ما لي منزل وإني لمغمور النسب لا تبلغني معرفتك. وحدثه فاستظرفه وأمر له بخمسة آلاف درهم، فلما انصرف قال للربيع: تنجّز لي صلتي بأبي أنت وأمي، فقال الربيع: هيهات احتل لنفسك، فلما ركب المنصور من الغد دعا به فحدثه ثم أنشده قصيدة الأحوص: