للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر شيئا ما كلّموكم كبرا، أم الى بني هاشم فو الله لو نالوها لاستأثروا عليكم، وإنّا على ما فينا لنعطي السائل ونجود بالنائل، ولا تزال العرب غلب الرقاب ما رأوا أشياخنا على المنابر.

حدثني رجل من ولد عمر بن الخطّاب عن أبيه قال، قال أبو الجهم:

أمر لي معاوية بمائة ألف درهم فذممته وقلت: أراحنا الله منك، فلمّا ولي يزيد أعطاني خمسين ألف درهم، ثم أتيت ابن الزبير فأعطاني ألفا فقلت: أبقاك الله فإنّا لا نزال بخير ما بقيت، فقيل لي: أتدعو لابن الزبير بالبقاء ولم تدع به لمعاوية ولا يزيد؟ فقلت: أخشى والله أن لا يأتي بعده إلاّ خنزير.

المدائني عن مسلمة بن محارب قال: حجّ معاوية فلمّا كان بالأبواء خرج يستقري مياه كنانة حتى صار الى عجوز عشمة (١) فقال لها: ممّن أنت؟ قالت: من الذي يقول لهم الشاعر:

هم منعوا جيش الأحابيش عنوة … وهم نهنهوا عنّا غواة بني بكر

فقال معاوية: كوني ديليّة، قالت: فإنّي ديلية، قال: أعندك قرى؟ قالت: عندي خبز خمير وحيس فطير ولبن ثمير وماء نمير، فأناخ، وجعل يأخذ الفلذة من الخبز بمثلها من الحيس فيغمسه في اللبن ثم قال:

حاجتك، قالت: حوائج الحيّ، فأمر فنودي فيهم، فأتاه أعراب فرفعوا حوائجهم فقضاها لهم، وامتنعت العجوز أن تأخذ شيئا لنفسها وقالت:

أآخذ لقراي ثمنا؟


(١) - العشمة: اليابس هزالا. القاموس.