للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودنت أمّه وهي تبكي فقالت: يا أمير المؤمنين، واحدي اعف عنه، عفا الله عنك، فقال: ويحك إنّ هذا حدّ من حدود الله، فقالت: اجعل تركه يا أمير المؤمنين من ذنوبك التي تستغفر الله منها، فخلّى سبيله وتصدّق بمائة ألف درهم.

وروى المدائني عن أبي بكر الهذلي أنّه قال: وقف عبد الملك بن مروان على قبر معاوية ومعه محمّد بن جبير بن مطعم، فرأى على القبر ثمامة (١) تهتزّ، فقال عبد الملك: يرحمك الله أبا عبد الرحمن. ثمّ قال لابن جبير: يا أبا سعيد ما كان علمك به؟ قال: كان والله ممّن ينطقه العلم ويسكته الحلم، فقال عبد الملك: كذلك كان وولّى وهو يقول:

وما الدهر والأيّام إلاّ كما أرى … رزيئة مال أو فراق حبيب (٢)

المدائني عن مسلمة قال: قال رجل من ولد أميّة بن خلف الجمحي لمعاوية: انّا تركنا الحقّ وعليّ يدعونا إليه، وبايعناك على ما تعلم، فلمّا تسهّلت لك الأمور جعلت الدنيا لأربعة: سعيد بن العاص، وعمرو بن العاص السهمي، ومروان بن الحكم، والمغيرة بن شعبة، وتركتنا لا في عير ولا في نفير، فأطرق معاوية طويلا ثمّ قال: يا بن أخي إنّي ميّلت بين


(١) - نبات ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص، وربما حشي به وسدّ به خصاص البيوت، ويظلل به المزاد فيبرد الماء. معجم أسماء النباتات الواردة في تاج العروس - ط. القاهرة ١٩٦٥.
(٢) - نسبه الابشيهي في المستطرف - ط. القاهرة (عبد الحميد أحمد حنفي) ج ٢ ص ٦٣ إلى أبي الأسود الدولي، ولم يرد في ديوانه المطبوع.