يأمره بقتلهم فكتب إليه ابن عامر: إنّي قد جعلت لهم ذمّتك؛ فلمّا قدم زياد البصرة في سنة خمس وأربعين خاف سهم والخطيم أن لا ينفذ لهما أمان ابن عامر، فخرجا إلى الأهواز، فاعتقد بها سهم ودعا قوما فأجابوه، وأقبل يريد البصرة فأخذ قوما، فقالوا: نحن يهود فخلاّهم، وأخذ سعدا مولى قدامة بن مظعون الجمحي فقتله، ثمّ أتى البصرة وقد تفرّق عنه أصحابه فاستخفى - ويقال إنّ أصحابه تفرّقوا بعد استخفائه - فطلب الأمان ورجا أن يسوغ له عند زياد ما ساغ له عند ابن عامر، وبعث بأمان ابن عامر إليه فلم يؤمنه، وبحث زياد عنه فدلّ عليه، فأخذه فقتله وصلبه في داره - ويقال انّه استخفى حتّى مات زياد فدلّ عليه عبيد الله بن زياد فقتله وصلبه - فقال رجل من الخوارج:
فإن يكن الأحزاب باؤوا بصلبه … فلا يبعدنّ الله سهم بن غالب
وكان قتل سهم في سنة أربع وخمسين - ويقال قبل ذلك - وسأل زياد الخطيم وقد أخذ وأتي عن قتل عبادة بن قرص فأنكر ذلك، فسيّره إلى البحرين، ثمّ إنّه أذن له بعد ذلك لأنّه لمّا أراد رسول زياد الشخوص من البحرين قال له: أبلغ زيادا أنّه لي ظالم. ولمّا صار الخطيم إلى البصرة قال له زياد: أقم في منزلك، وأمر مسلم بن عمرو أبا قتيبة أن يتفقّده وقال: إن غاب عن منزله ولم يبت فيه ليلة واحدة فما فوقها فأعلمني ذلك، فغاب عن منزله ليلة من الليالي، وعلم به مسلم بن عمرو فأتى به زيادا فسأله أين بات؟ فقال: أدنني منك أخبرك، فقال زياد: إن كنت تريد أن تسرّ إليّ شيئا فأسرّه إلى مسلم بن عمرو، فقال: والله لو أدنيتني لقطعت أنفك لو أمكنني ذلك، فأمر بقتله فقتل وألقي في باهلة، فحملته امرأة يقال لها عمرة