للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زحّافا أو قريبا فلم يفرق لهم الرأي في ذلك حتّى بلغ زيادا خبرهم، فبعث إليهم الشرط، فقالوا: نقاتل يومنا هذا، فإن سلمنا أمّرنا قريبا أو زحّافا، فقال بعضهم: لا قتال إلاّ مع إمام، فصيّروا قريبا إمامهم.

وقال بعض الرواة: صيّروا إمامهم زحّافا، وخرجوا يستعرضون الناس، ويقتلون من لقوا، وكانوا يدينون بالاستعراض، وكان خروجهم بناحية جبّانة بني يشكر، وذلك في شهر رمضان، فقال أبو بلال مرداس بن أديّة: قريب [لا] قرّبه الله من كلّ خير وزحّاف [لا] عفا الله عنه، لقد ركباها عشواء مظلمة، يقول: لاستعراضهما، فقتلوا رجلا من بني ضبيعة يقال له حكاك رآهم فظنّهم مع صاحب الشرط، وقتلوا غيره، وضربوا رجلا من بني قطيعة فصار أضجم (١)، وأتوا مسجد بني قطيعة فأخذوا بأبوابه حتّى هرب الناس ووثبوا الجدر، وصعد رجل المنارة فنادى: يا خيل الله اركبي، فأنزلوه وقتلوه، وخرج بكير بن وائل الطاحي من الأزد وقد اتّقاهم بطيلسان له فقطعوه بأسيافهم، ثمّ نجا، وأتوا بني راسب فقاتلوهم، وكان حجّار بن أبجر العجلي بالبصرة قد قدمها من الكوفة في حاجة، فضربوه فصرع، وحامى عليه شقيق بن ثور السدوسي فنجا، فقال العديل بن فرخ العجلي:

ونجّيت حجّار بن أبجر بعد ما … بدت للحروريّين منه مقاتله

وإنّ بني ثور إذا ما لقيتهم … لهم زبرتا (٢) مجد العراق وكاهله


(١) - الضجم: عوج في الفم، والشدق، والشفة، والذقن، والعنق. القاموس.
(٢) - الزبر: القوي الشديد، والعقل، والكلام، والصبر. القاموس.