للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ (١) وقد بدا لكم القوم، فشدّ الخوارج على أسلم وأصحابه شدة رجل واحد، فهزموهم حتّى قدموا البصرة، فغضب ابن زياد على ابن زرعة وقال: هزمك أربعون رجلا وأنت في ألفين؟! ما عندك خير، فقال ابن أسلم: لأن يذمّني ابن زياد وأنا حيّ أحبّ إليّ من أن يمدحني وأنا ميّت، إنّي لقيت ناسا ليسوا كالناس؛ فكان أسلم بن زرعة إذا مرّ صاح الصبيان: يا أسلم، أبو بلال خلفك، حتّى بعث ابن زياد الشّرط فضربوا من صاح به فكفّوا، فقال عيسى الخطّي:

أألفا مؤمن فيما زعمتم … ويهزمهم بآسك أربعونا

كذبتم ليس ذاك كما زعمتم … ولكنّ الخوارج مؤمنونا

هم الفئة القليلة قد علمتم … على الفئة الكثيرة ينصرونا (٢)

فوجّه إليهم ابن زياد عبّاد بن أخضر المازني - وأخضر زوج أمّه نسب إليه، وكان خلف عليها بعد أبيه - وهو عبّاد بن علقمة بن عبّاد بن جعفّي بن حزابة بن صعير بن خزاعيّ بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم - فسار عبّاد إليهم في أربعة آلاف، فلقيهم بناحية درأبجرد من فارس في يوم جمعة، فدعا أبا بلال وأصحابه إلى طاعة السلطان، فقال أبو بلال:

أتدعونا إلى طاعة من يسفك الدماء وينتهك المحارم، والرجوع إلى الفاسق ابن زياد الذي يقتل على الظنّة ويأخذ بالشبهة؟! فقاتلهم حتّى دخل وقت العصر، وكان القعقاع بن عطيّة قدم من خراسان يريد الحجّ، فرآهم


(١) - سورة الأعراف - الآية:١٢٨.
(٢) - ديوان شعر الخوارج ص ٦٨ - ٦٩.