فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال: إنه يعيبك ويطعن عليك، فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه، وشيعه أهل الكوفة، فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن، فقالوا له: جُزيت خيراً، فلقد علمت جاهلنا وثبتَّ عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الإسلام أنت، ونعم الخليل، ثم ودعوه وانصرفوا وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله ﷺ فلما رآه قال: ألا أنه قدمت عليكم دويبة سوءٍ من تمشِ على طعامه يقيء ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك، ولكني صاحب رسول الله ﷺ يوم بدر، ويوم بيعة الرضوان، ونادت عائشة، أي عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله ﷺ؟ ثم أمر عثمان به فأخرج من المسجد إخراجاً عنيفاً، وضرب به عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأرض، ويقال بل احتمله يحموم غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدق ضلعه، فقال علي: ياعثمان أتفعل هذا بصاحب رسول الله ﷺ بقول الوليد بن عقبة؟ فقال: ما يقول الوليد فعلت هذا، ولكن وجهت زُبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة فقال له ابن مسعود: إن دم عثمان حلال، فقال عليّ أحلت من زبيد على غير ثقة، وقال ابن الكلبي: زُبيد بن الصلت أخو كثير بن الصلت الكندي.
وقام عليّ بأمر ابن مسعود حتى أتى به منزله، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي، وأراد حين برئ الغزو فمنعه من ذلك؛ وقال له مروان: إن ابن مسعود أفسد عليك العراق أفتريد أن يفسد عليك الشام؟ فلم يبرح المدينة حتى توفي قبل مقتل