دموعه، فلم يزل مروان يفتله في الذروة والغارب حتى لفته عن رأيه، قال: وجئت إلى عليّ فأجده بين القبر والمنبر ومعه عمار بن ياسر، ومحمد بن أبي بكر، وهما يقولان صنع مروان بالناس وصنع وأنتهرهم وأغلظ لهم حتى ردهم عن باب عثمان على أقبح الوجوه، فأقبل عليّ علي فقال: أحضرت خطبة عثمان؟ قلت: نعم، قال: أفحضرت مقالة مروان للناس؟ قلت نعم.
قال أبو مخنف: لما شخص المصريون بعد الكتاب الذي كتبه عثمان فصاروا بأيلة أو بمنز قبلها رأوا راكباً خلفهم يزيد مصر فقالوا له: من أنت؟ فقال: رسول أمير المؤمنين إلى عبد الله بن سعد وأنا غلام أمير المؤمنين، وكان أسود، فقال بعضهم لبعض: لو أنزلناه وفتشناه لا يكون صاحبه قد كتب فينا بشيء، ففعلوا فلم يجدوا معه شيئاً فقال بعضهم لبعض: خلوا سبيله، فقال كنانة بن بشر: أما والله دون أن أنظر إداوته فلا فقالوا: سبحان الله أيكون كتاب في ماءٍ؟ فقال: إن للناس حيلاً، ثم حل الإداوة فإذا فيها قارورة مختومة (١) - أو قال مضمومة - في جوف القارورة كتاب في أنبوب من رصاص فأخرجه فقرئ فإذا فيه:" أما بعد فإذا قدم عليك أبو عمرو بن بديل فأضرب عنقه، وأقطع يدي ابن عديس، وكنانة، وعروة، ثم دعهم يتشحطون في دمائهم حتى يموتوا، ثم أوثقهم على جذوع النخل ". فيقال أن مروان كتب الكتاب بغير علم عثمان، فلما عرفوا ما في الكتاب قالوا: عثمان محل، ثم رجعوا عودهم على بدئهم حتى دخلوا المدينة، فلقوا علياً بالكتاب وكان خاتمة من رصاص، فدخل به عليّ