فلما كانوا ببعض الطريق رأوا جملاً عليه ميسم الصدقة فأخذوه، فإذا غلامٌ لعثمان، ففتشوه فإذا معه قصبة من رصاص في جوف إداوة فيها كتابٌ إلى عامل مصر أن افعل بفلان كذا وبفلان كذا، فرجع القوم إلى المدينة، فأرسل إليهم عثمان محمد بن مسلمة فلم يرجعوا وحصروه.
وحدثني هشام بن عمار الدمشقي أبو الوليد حدثنا محمد بن سميع عن محمد بن أبي ذئب عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب أن المصريين لما قدموا فشكوا عبد الله بن سعد بن أبي سرح سألوا عثمان أن يولى مكانه محمد بن أبي بكر، فكتب عهده وولاه ووجه معهم عدة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي سرج، فشخص محمد بن أبي بكر وشخصوا جميعاً، فلما كانوا على مسيرة ثلاث من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير وهو يخبط البعير خبطاً كأنه رجل يطلب أو يُطلب، فقال له أصحاب محمد بن أبي بكر: ما قصتك وما شأنك هارب أو طالب، فقال لهم مرةً: أنا غلام أمير المؤمنين، وقال مرة أخرى: أنا غلام مروان وجهني إلى عامل مصر برسالة، قالوا: فمعك كتاب؟ قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معه شيئاً، وكانت معه إداوة قد يبست وفيها شيء يتقلقل، فحركوه ليخرج فلم يخرج، فشقوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح. فجمع محمد من كان معه من المهاجرين والأنصار وغيرهم، ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه:" إذ أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتل لقتلهم وأبطل كتاب محمد، وقر على عملك حتى يأتيك رأيي، واحبس من يجيء إلي متظلماً منك إن شاء الله ". فلما قرأوا الكتاب فزعوا وغضبوا ورجعوا إلى المدينة، وختم محمد بن أبي بكر الكتاب بخواتيم نفر