أراك تريد هذا الأمر لخالد بن يزيد، وهو حدث السنّ فقال: إنّه معدن الملك ومقر السياسة والرئاسة، فأتى ابن عضاه خالدا في جماعة من نظرائه من الوجوه فوجده نائما متصبحا، فقال: يا قوم أتجعل نحورنا أغراضا للأسنّة والسهوم بهذا الغلام وهو نائم في هذه الساعة، وإنما صاحب هذا الأمر المجدّ المشمّر الحازم المتيقظ، ثم أتى مروان بن الحكم فألفاه في فسطاط له وإذا درعه إلى جانبه والرمح مركون بفنائه وفرسه مربوط إلى جانب فسطاطه، والمصحف بين يديه وهو يقرأ القرآن، فقال ابن عضاة يا قوم هذا صاحبنا الذي يصلح له الأمر وهو ابن عم عثمان أمير المؤمنين وشيخ قريش وسنّها، فرجعوا إلى حسّان بن مالك فأخبروه بخبر خالد ومروان، وأعلموه انّهم مجمعون على مروان لأنّه كبير قريش وشيخها، فقال ابن بحدل: رأيي لرأيكم تبع، إنّما كرهت أن تعدل الخلافة إلى ابن الزبير، وتخرج من أهل هذا البيت، ثم قام حسّان لأنّه كبير قريش وشيخها، فقال ابن بحدل: رأيي لرأيكم تبع، إنّما كرهت أن تعدل الخلافة إلى ابن الزبير، وتخرج من أهل هذا البيت، ثم قام حسّان خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر مروان فقال: هو كبير قريش وسنّها، وابن عمّ الخليفة المظلوم والطالب بدمه قبل الناس أجمعين فبايعوه رحمكم الله فهو أولى بميراث عثمان وأحق بالأمر من الملحد ابن الزبير الذي خلع الخلافة وجاهر الله بالمعصية، فسارعوا إلى بيعته وماسحوه ودعوا له والتفّت إليه بنو أميّة فقالوا: الحمد لله الذي لم يخرجها منا.
وقال مروان أحييت ليلة كلّها فلما طلع الفجر صلّيت الغداة ونمت فجاء عمر حين أصبحت، فقال: ما بال مروان لم يحضر الصلاة؟ فقيل له:
أحيى ليلته ونام حين صلّى الغداة، فقال: لأن أصلّيهما في جماعة يعني العشاء والغداة أحبّ إليّ من أن أحيي ما يميتهما.