فقال: صدقت قد فعلت، إنّي كنت وأنا شاب مقبلا على أمر آخرتي، ولا أوثر عليها شيئا، فلما كبرت سنّي واقترب أجلي آثرت دنياي على آخرتي، فليس يعرض لي أمران أحدهما للدنيا إلاّ آثرته، فأتيت بها وأنا في ذلك فشغلني عنها، ثم إنّ مروان استخلف بابنها خالد وأقصاه فدخل عليه يوما فكلمه في شيء فأغلظ له وتجهّمه، فردّ عليه خالد، فقال له مروان:
أراك تجيبني يا بن الرطبة. فقال له: أمين مختبر، وخرج الفتى إلى أمّه فأخبرها فقالت: أفعل؟ قال: نعم، قال: فزعم بعض الناس أنّها سقته شربة لبن مسموم فقتلته، وزعم بعضهم أنّها ألقت على وجهه مرفقة حين أخذ مضجعه بعد العشاء الآخرة، ووثبت عليه وهي وجواريها فغممته حتى أتين على نفسه ثم صرخن وقالت: مات فجاءة، وكان بين بيعته وموته سنة وبايع لابنه عبد الملك، ولعبد العزيز من بعده، ونقض بيعة خالد، ولما ولي عبد الملك ولّى أخاه عبد العزيز مصر، فلم يزل عبد العزيز عليها حتى مات بها.
المدائني عن خليد بن عجلان، قال: كان من بني طابخة كلب سبعة إخوة جاء كلّ واحد منهم برأس يضعه فيقول: أنا ابن زرارة، فقال مروان: إنّ زرارة كان مخبثا مكثرا فقيل له: أمسك عن هذا وإلاّ لم يقاتل معك أحد.
قال الواقدي في بعض روايته: كان ابن زياد قال لمروان حين بويع:
إنّي ذاهب إلى الضحّاك بن قيس فمبايعه لابن الزبير ومخبره إنّي قد كرهتكم، فقدم ابن زياد على الضحّاك فبايعه فسر بذلك، وجعل ابن زياد يدبّ في الناس فيفسدهم ويدعوهم إلى مروان، وكان ابن زياد أعطى مروان مالا