للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الكوفة بمثل ذلك، فوجّه الحارث الحنتف بن السجف التميمي، ثم أحد بني العجيف بن ربيعة بن مالك بن حنظلة في ثلاثة آلاف، ويقال في ألفين، ووجّه ابن مطيع محمد بن الأشعث بن قيس في ألفين من أهل الكوفة، ووجّه ابن الزبير من مكة مسروقا النصري، وقدم حبيش بن دلجة فعسكر بالجرف، وكان مروان امره أن لا يعرض لأهل المدينة، وأن لا يكون صمده وقصده إلاّ لمن يوجّهه ابن الزبير للمحاربة، فالتقى النصري وحبيش بالمنبجس (١)، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكان أول الوقعة لابن الزبير ثم صارت الدولة لحبيش وأهل الشام، فقتلوا من أصحاب النصري خلقا، وهزموهم، فأمر ابن دلجة بدفن من قتل من أصحابه وبقي أصحاب النصري بالعراء تأكلهم السباع والطير، وقدم محمد بن الأشعث بن قيس، فلما بلغه خبر الوقعة تداخله وأصحابه رعب وهيبة، فانكفأ منصرفا إلى الكوفة، وكتب ابن الزبير إلى ابن مطيع بتولية محمد بن الأشعث الموصل إذا وافاه، وقد روي: أنّ محمدا كان بالموصل واليها وأنّ القادم بالجيش والمنصرف عن حبيش عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، والله أعلم.

قالوا: ودخل حبيش المدينة، فنزل دار مروان وخطب على منبر رسول الله ، فقال: يا أهل المدينة نفاقكم قديم بقول الله: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاّ قَلِيلاً﴾ (٢) كيف رأيتم صنع الله بكم، والله لا يتكلّم


(١) المنبجس: وادي العرج، أو أدناه، فيه عين. المغانم المطابة، والعرج هنا بين مكة والمدينة. معجم البلدان.
(٢) سورة الأحزاب - الآية:٦٠.