قالوا: وكانت لحجّار بن أبجر العجلي منزلة من بشر، فبينا هو جالس على سريره إذ دخل المتوكّل الليثي عليه فأنشده أبياتا فيها:
تجرّم لي بشر غداة أتيته … فقلت له يا بشّر ما ذا التجرّم
فقال بشر: ويلك لو صرت إلى ذلك لضربت عنقك، فقال: أصلح الله الأمير هذا كلام تسقط منه الحبالى، فقال حجّار: أو حبلى أنت يا متوكّل، فقال: ما إيّاك اخاطب، ولا عليك أدلّ، فقال حجّار: والله لو سألتني بمثل هذا الشعر درهما ما أعطيتك إيّاه، ولا رأيتك له أهلا، فقال: صدقت والله لو أتاك عيسى بن مريم فطلب مثل ذلك لمنعته إيّاه، فلما خرج حجّار قال له بشر: ويلك يا متوكّل كيف جئت بعيسى بن مريم من بين الأنبياء؟ قال: لأنّ أباه كان نصرانيّا، وهو يرقّ للنصرانيّة، فضحك بشر وقال: أتراه فطن لما أردت؟ قال: نعم والله وما أقامه إلاّ ذلك.
حدثني عليّ بن المغيرة الأثرم عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى قال: قال بشر بن مروان لسراقة: أجرير أشعر أم الفرزدق؟ قال: الفرزدق، قال: فقل في ذلك أبياتا فقال:
أبلغ تميما غثّها وسمينها … والحكم يقصد مرّة ويجور
أنّ الفرزدق برّزت آباؤه … عفوا وغودر في الغبار جرير
ما كنت أوّل مقرف عثرت به … أعراقه إنّ اللئيم عثور
ذهب الفرزدق بالفضائل والعلى … وابن المراغة مفحم محسور
فكتبها بشر، وبعث بها إلى جرير مع رسول، وقال: لا تبرح حتى ينقضها فذلك حين يقول جرير: