للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تواقفوا دعاهم الحصين إلى طاعة عبد الملك، وكان مروان قد هلك، ودعاهم سليمان إلى أن يسلموا إليهم عبيد الله بن زياد ويخلعوا عبد الملك، ويخرج عمّال عبد الله بن الزبير، ويسلم الأمر إلى أهل بيت رسول الله ، فاقتتلوا أشدّ قتال سمع به، فهزم أهل الشام يومهم، وحجز الليل بينهم، ثم قاتلوهم من الغد وقد أمدّ ابن زياد الحصين بابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف فاقتتلوا قتالا لم ير مثله، ثم تحاجزوا وقد فشت في الفريقين الجراح، ووافاهم أدهم بن محرز الباهلي في عشرة آلاف فالتقوا فقتل سليمان بن صرد الخزاعي، رماه يزيد بن الحصين بسهم، ثم أخذ الراية بعده المسيّب بن نجبة الفزاري فقتل، ثم أخذها عبد الله بن سعد بن نفيل وهو يقول:

﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ (١) رحمكما الله فقد صدقتما ووفيتما وقاتل فحمل وحمل عليه ربيعة بن المخارق ابن جأوان الغنوي فاختلف هو وعبد الله بن سعد بن نفيل ضربتين فلم يصنع سيفاهما شيئا، وطعن ابن أخي ربيعة بن المخارق عبد الله بن سعد بن نفيل في ثغره نحره فقتله، وأخذ الراية عبد الله بن وال التيمي فقتل، ويقال: بل دعي ابن وال حين قتل عبد الله بن سعد لتدفع الراية إليه فوجدوه قد استلحم فحمل رفاعة بن شدّاد، فكشف الناس عنه ثم إنّه أقبل إلى الراية وقد أمسكها عبد الله بن حازم الكبيري من بني كبير من الأزد، فقال لابن وال: خذ رايتك فأخذها وقاتل ابن وال حتى قتل، وقتل ابن حازم إلى جنب ابن وال.

وجاء الليل فنظر رفاعة إلى كلّ جريح، فدفعه إلى قومه، وسار بالناس حتى أصبح بالتنينيرين فعبر الخابور، ثم مضى لا يمرّ بمعبر إلاّ قطعه،


(١) سورة الأحزاب الآية:٢٣.