قالوا: وبعث ابن مطيع إياسا إلى المختار ليأتيه به فتمارض المختار ودعا بقطيفة وقال: إنّي لأجد قفقفة، وجعل المختار يبعث إلى اصحابه فيجمعهم في الدور حوله، وأراد الوثوب بالكوفة في المحرّم، فجاء رجل من شبام يقال له عبد الرحمن بن شريح إلى وجوه الشيعة فقال لهم: إنّ المختار يريد الخروج بنا ولا ندري لعلّ محمد بن عليّ لم يوجّهه إلينا، فانهضوا بنا إليه لنخبره خبره فإن رخّص لنا في اتّباعه اتبعناه، وإن نهانا عنه اجتنبناه فما ينبغي أن يكون شيء آثر عندنا من أدياننا، فخرج عبد الرحمن بن شريح الشبامي، والأسود بن جراد الكندي، وسعر بن أبي سعر الحنفي في عدّة معهم إلى ابن الحنفيّة، فلما لقوه قال عبد الرحمن: إنّكم أهل بيت قد خصّكم الله بالفضيلة، وشرّفكم بالنبوّة، وعظم حقّكم على الأمّة فلا يجهله إلا غبين الرأي مخسوس الحظّ، وقد أصبتم بحسين ﵀، وأتانا المختار بن أبي عبيد يزعم أنه جاء من تلقائك يطلب بدمه، فمرنا بأمرك، فقال ابن الحنفيّة: ﴿إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ،﴾ فالحمد لله على ما آتانا وأعطانا، وأمّا المصيبة بحسين فقد خصت أهله، وعمّت المسلمين، وما دعاكم المختار إليه، فوالله لوددت أنّ الله انتصر لنا بمن شاء من خلقه، فقالوا: هذا إذن منه، ورخصة، ولو شاء لقال: لا تفعلوا حتى يبلغ الله أمره، فلم تكن إلاّ زيادة أيّام على الشهر حتى وافوا الكوفة فبدءوا بالمختار، وكان ظنّه ساء، وخاف أن يأتي القوم بأمر يخذّلون به الشيعة عنه، فقال لهم حين قدموا: ارتبتم وتحيّرتم، فما وراءكم؟ قالوا: أذن لنا في نصرتك، فقال: الله أكبر أنا أبو إسحاق، اجمعوا إليّ الشيعة، فاجتمعوا فقال: إنّ نفرا منكم أحبّوا أن يعلموا مصداق ما جئت به، فرحلوا إلى إمام الهدى.