إليّ من أراد الخروج، فقال المختار: استخر الله، ففعل ابراهيم، وجعّل كلّما تسرّعت إليه خيل كشفها، ثم عاد يخترق السكك ويجتنب منها سكك الأمراء.
وخرج المختار في جماعة أصحابه حتى نزل عند السبخة، ونادى أبو عثمان النهدي في شاكر: ألا إنّ وزير آل محمد قد خرج وبعثني إليكم، فخرجوا من الدور ينادون:«يا لثأرات الحسين» وضاربوا كعب بن أبي كعب الخثعمي وهو بجبانة بشر حتى خلّى لهم الطريق، فأتوا عسكر المختار، وجاء حجّار بن أبجر العجلي فعبأ له المختار أحمر بن شميط الأحمسي، فقاتله وأقبل إليهم ابن الأشتر فلما أحسّ به حجّار هرب وأصحابه، وتوافى إلى المختار من كلّ قبيل المائة والمائتان، وكانوا يحملون على من عرض لهم حتى تتامّ إليه ثلاثة آلاف وثمانمائة رجل، فعبّأهم المختار وكتّبهم، وتوجّه ابن الأشتر إلى راشد بن إياس بن مضارب فلقيه في جبّانة مراد وهو في أربعة آلاف، فاقتتلوا، فقتل خزيمة بن نصر العبسي، أبو نصر بن خزيمة المقتول مع زيد بن عليّ بن الحسين، راشد بن إياس ونادى: قتلت راشدا وربّ الكعبة، وانهزم أصحاب راشد، فقالت أخته ترثيه:
لحى الله قوما أسلموا أمس راشدا … بجبّانة الدارين عند مراد
فلا ولدت عجليّة بعد راشد … غلاما ولا حلّت بصوب رعاد
وجعل إبراهيم يحرّض أصحابه فيقول إنّه ليس مع الحقّ قلّة، ولا مع الباطل كثرة فـ ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ﴾ (١).