للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك بن مسمع، وزياد بن عمرو: عبد القيس فقالا: إنّ هؤلاء القوم قد دعوا إلى الصلح، وأعطوا النصف، ولم نأتكم حين أتيناكم ونحن نرى رأيكم، ولكنّا حمينا لكم أن تضاموا وتوطأوا، ثم أخذا بيد المثنّى فقالا له:

إنّ الذين يرون رأيك قبلنا قليل، فخذ أمانا لنفسك والحق بأصحابك، فقبل ذلك، وجاء ابن مطيع وعمر بن عبد الرحمن فعرضا الصلح فقبله القوم وأجابوا إليه، وأمّا الأحنف فقالا له: إنّ القوم قد أحبّوا الصلح ودعوا إليه، فكأنّ الأحنف كره ذلك وتأرّب (١) فلم يجب إليه، فقال له عمر بن عبد الرحمن: إنّي لأعجب ممّن يزعم أنّكم حليم، قبل القوم الصلح وأجابوا إلى النصف وتأبى إلاّ الفرقة وما تسفك فيه الدماء وتنتهك الحرمة؟ فقال الأحنف: هلمّ يا بن أخي إلى خالك، يعني نفسه، وذلك أنّ أمّ الحارث جدّه من ولد نهشل بن دارم فتميم أخواله، فقال له: إنّ ربيعة والأزد كثير عددهم بالمصر وقد تحالفوا وصاروا يدا علينا، فإن أريناهم الهيبة لهم ركبونا، والله ما هم بأحرص على السلم والصلح منّي، اذهب يا بن أخي فاصنع ما أحببت، فاصطلح القوم ورجع المثنّى وخرج من البصرة.

وكتب المختار إلى الأحنف وهو على مضر: «أمّا بعد فويل أم ربيعة ومضر. من أمر سوء قد حضر. وإنّ الأحنف قد أورد قومه سقر. وإنّي لا أملك القدر. وما خطّ في الزبر. ولعمري لئن قاتلتموني وكذبتموني لقد كذّب من كان قبلي وما أنا بخيرهم».

وكتب المختار أيضا إلى مالك بن مسمع وزياد بن عمرو: «أمّا بعد فاسمعا وأطيعا وداوما. على أحسن ما أتيتما أوتيكما من الدنيا ما شئتما.


(١) تأرب: تأبى وتشدد. القاموس.