للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانتهى ابن الاشتر إلى المدائن فلقي من كان انصرف من أصحاب يزيد بن أنس، فردّهم معه، فلما تجاوز الكحيل من أرض الموصل جعل لا يسير الاّ بتعبئة.

وسبق ابن زياد إلى الموصل، وبادر دخوله العراق واجتمعا على الخازر إلى جنب قرية تدعى باريتا، بينها وبين مدينة الموصل خمسة فراسخ، فنزل ونزل عبيد الله بن زياد قريبا منه على شاطئ الخازر، وهو نهر قريب من الزابي، فأرسل إليه عمير بن الحباب السلمي: إنّي أريد لقاءك الليلة، وكانت قيس الجزيرة مضطغنة على بني مروان لما كان من مروان إليهم في وقعة مرج راهط، فأتاه ابن الحباب فجرى بينهما كلام كثير وقال: ما أحد أبغض إليّ ظفرا من آل مروان، فاعلم أني منهزم بالناس إذا قامت الحرب، فأراد ابن الأشتر أن يبلو صدق ذلك فقال له أترى أن أخندق على نفسي وأتلوّم يومين أو ثلاثة؟ فقال عمير: لا تفعل فإنّ القوم أضعافكم فإن طاولوك وماطلوك خبروا أمركم واجترأوا عليكم لكثرتهم وقلتكم، وخرج ما في قلوبهم من الهيبة لكم فإنّ في أنفسهم منكم روعة، وهم من لقائكم على وجل، فعاجلهم وناجزهم، فإنّ القليل لا يطيق الكثير على المطاولة، ولا آمن إن شامّوكم يوما بعد يوم، ومرّة بعد مرة أن يقهروكم، فقال ابن الأشتر: الآن علمت أنّك ناصح، كان عمير بن الحباب على ميسرة عبيد الله بن زياد، فأذكى ابن الاشتر تلك الليلة حرسه، ولم يدخل الغمض عينه.

فلما كان في السحر عبّأ أصحابه، فجعل سفيان بن يزيد بن المغفّل على ميمنته، وعليّ بن مالك الجشمي على ميسرته، وصلى الغداة بغبش،