وولّى عبد الله بن الزبير حمزة ابنه البصرة بعد أشهر، وذلك بمشورة رجل شخص إليه من أهل العراق مولى لبني عجل، يقال له إبراهيم بن حيّان فأخبره أن أهل البصرة يحبّون ولايته، وكتب إلى مصعب في ضمّ من قبله من رجال البصرة إلى حمزة، فغضب مصعب وشخص إلى مكّة وحمل معه مالا من مال الكوفة واستخلف عليها القباع.
وقدم حمزة البصرة في سننه فكان جوادا إلاّ أنّه كان أحمق، شخص إلى الأهواز فدعا بدهقانها واسمه مردانشاه فأمره أن يحمل الخراج فاستأجله، فشدّ عليه فضرب عنقه وعنده الأحنف فقال له إنّ سيف الأمير لحادّ، ونظر حمزة إلى جبل الأهواز فقال كأنّه قعيقعان يعني جبلا بمكّة، فسمّوه قعيقعان، وسمّوا الجبل أيضا قعيقعان.
ولما ورد مصعب على عبد الله أخيه قال له: من استخلفت على الكوفة؟ قال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وقال له: ما رأيت في حمزة ابنك حتى عزلتني وولّيته؟ قال: ما رأى عثمان في ابن عامر حين عزل أبا موسى وولاّه ولم أعزلك تفضيلا له عليك، وردّه على المصرين جميعا، فأقرّ القباع بالكوفة على خلافته، وأقرّ عمر بن عبيد الله على أمر البصرة، ثم ولاه فارس.
وقال ابن عيّاش: كان حمزة يعطي الكثير من لا يستحقّه، ويمنع القليل من يستحقّ الكثير، وكان يعطي مائة ألف ويمنع شسعا، ورأى فيض البصرة فقال: إنّ هذا غدير إن رفق به أهله كفاهم ضيعتهم، وركب إلى فيض البصرة في الجزر، فقال: لو اقتصدوا فيه لم ينقص هذا النقصان.