اقتتل أهل البصرة بينهم، فقد افترقوا ثم اجتمعوا، وقد ملكتم فأسجحوا، وقدرتم فاعفوا، فرّق له مصعب وللأسرى، فقام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فقال: أيّها الأمير اخترنا عليهم أو اخترهم علينا، وقام محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني فقال: قد قتل أبي وأشرافنا وخمسمائة أو أكثر منّا وتخلّي سبيلهم ودماؤنا ترقرق في أثوابهم، اخترنا أو اخترهم فأمر بهم أن يقتلوا، فقال بعضهم: قد أمرنا المختار أن لا نموت هذه الميتة الدنيّة فأبينا، وكان من أخرج من القصر نحوا من ستّة آلاف.
حدثني أبو مسعود عن عليّ بن مجاهد قال: لما ظفر مصعب بأصحاب المختار، بعثت إليه عائشة بنت طلحة في أمرهم الحارث بن خالد المخزومي فوجدهم قد قتلوا.
وقال مسافر بن سعيد بن نمران الناعطي: ما تقول يا بن الزبير غدا وقد قتلت أمة من المسلمين حكّموك في أنفسهم ودمائهم صبرا وإنّ فينا لرجالا ما شهدوا حربنا وحربكم إلاّ اليوم؟! فقتل وقتل القوم.
حدثني عبد الله بن صالح المقرئ عن الهيثم عن عوانة قال: لما أراد المصعب قتل أصحاب المختار ونزلوا على حكمه شاور الأحنف بن قيس فيهم، فقال: أرى أن تعفو عنهم فإنّ العفو أقرب للتقوى (١)، فقال أشراف أهل الكوفة: اقتلهم وضجّوا فلما قتلوا، قال الأحنف: ما أدركتم بقتلهم ثأرا فليته لا يكون في الآخرة وبالا.